الأحد، 4 أبريل 2010

اصغر مخترعَيْن في رفحاء.. الأخوان الشمري ل(الجزيرة):

رفحاء - منيف خضير

في قرية الجبهان (15 كم شرق رفحاء) يوجد معرض طلابي للمبتكرات العلمية، نفذه الأخوان الشمري، أحدهما في الصف الخامس والآخر في الثالث المتوسط. (الجزيرة) زارت معرض مدرسة الزبير بن العوام الذي نفذ فيه الأخوان مخترعاتهما بدقة علمية رائعة تنبئ عن موهبة حقيقية. وقد استفاد المخترعان الصغيران من خامات البيئة المحلية دون تكاليف باهظة. ومثل هذه المبتكرات هي صغيرة في حقيقتها، كبيرة في أبعادها لو وجدت يداً تمتد إليها وتعرضها على طاولة الفائدة والتطوير. هذه الجولة القصيرة هي دعوة للمؤسسات العلمية والقطاع الخاص ورجال الأعمال إلى الالتفات إلى هذا الكنز المفقود.. فإلى البداية:

طموحاتي أكبر

أول المخترعين الطالب خيرالله بن ساير الشمري تحدث عن هوايته قائلاً: أطمح إلى أن أكون مخترعاً كبيراً في مجال الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، وجهازي الحالي (الموجود في المعرض) هو نظام مورس، وهو تجسيد لفكرة الاتصال القديم بين السفن البحرية والطائرات الحربية، وفي البر أيضاً.

وعن البدايات يقول خيرالله: راودتني الرغبة في التصميم والابتكار في الأجهزة الكهربائية في الصف السادس الابتدائي، حيث طلب الأستاذ منا نحن الطلاب أن نصنع دائرة كهربائية، ونفذتها أنا بطريقة أعجبت الأستاذ، ثم شجعني على المزيد من ابتكار الوسائل البسيطة في حينها، فتطور الأمر إلى أن صنعت طائرة حربية ذات جناح واحد، ثم قارباً سريعاً مائياً، ثم طائرة يابانية ذات جناحين ومروحة تدور كهربائياً ومحرك (دينمو صغير) وذيل وتوجيه وكابينة لقائد الطائرة.

نظام مورس

وعن فكرة جهاز الاتصال بنظام مورس أضاف خيرالله قائلاً: كانت دول أمريكا الشمالية تستخدم طريقة في الاتصال قبل استخدام الهواتف تسمى نظام مورس، وكانت أول الدول المستخدمة له أمريكا وكندا والمكسيك، وهو عبارة عن صوت وكتابات، وهنا في المدرسة عملت على تبسيط الفكرة، حيث اكتفيت بالضوء الذي يرمز للكتابات والرسائل الحربية، وقد استخدمت فيه أدوات من البيئة، وهي عبارة عن مصباح ضوئي و2 بطارية و3 قطع خشبية مربعة وأسلاك طويلة وقصيرة وشريط من النحاس وفلين، حيث تتصل الكهرباء عند الضغط عليها يدوياً عبر الفلين وشريط النحاس فتضيء المصباحين وعند رفع اليد تنقطع الكهرباء وتطفأ الأنوار لأنهما في دائرة متوازية، وهذه الإشارات الضوئية هي رسائل ذات نقط وخطوط لها مدلولات معينة وأنا أحفظها كاملة وأستطيع أن أترجم بها وأكتبها على جانب الجهاز للفائدة.

ويضيف: وهذا الجهاز برموزه لا يحتمل الخطأ؛ إذ على المستقبِل أن يفهم الرموز ويفسرها؛ لأن الرسالة لا تعاد مرة أخرى. ويقوم المرسِل بتنبيه المرسَل إليه بومضات عدة، وعلى المستقبِل إرسال مثلها لإشعاره بالاستلام، وهي طريقة متعبة وحذرة، ولا بد أن تكون الترجمة صحيحة لتشابه الرموز.

ويؤكد خيرالله أنه استفاد من كتاب العلوم في تصميم العديد من الوسائل التي استفاد منها الطلاب، كما صمم العديد من الأجهزة المنزلية التي استفاد هو منها شخصياً في منزله.

أصغر مخترع

أما شقيقه سالم بن ساير الشمري في الصف الخامس الابتدائي (أصغر مخترع في المملكة) فيقول: تأثرت بأخي ولا شك، وشجعني المعلمون، وقد صممت العديد من المبتكرات والأجهزة المتنوعة مثل جهاز قياس الرطوبة، وقد استخدمته في المنزل ونجح معي، وهي من أدوات متوافرة مثل الورق والمصاصات البلاستيكية وعود خشبي ومقياس رقمي. فعند الرطوبة يمتص الورق الماء فتثقل كتلته ثم يرتفع المؤشر إلى المقياس المحدد، وهكذا، وهناك أيضا طائرة مروحية ومدرج وهي تطير بطريقة مشابهة للطائرة الحديثة. وأيضاً هناك اختراع آخر وهو جهاز تحديد سرعة الرياح وجهاز درجة الرياح، وهما مختلفان، وأصمم أيضا وسائل مدرسية ومجسمات مثل مجسم بركان مضيء وثائر. وقد استفدت من كتاب العلوم في المدرسة لبعض الأفكار مثل نظرية أن النحاس موصل للكهرباء فصممت لعبة بسيطة تعتمد على التوافق الحسي العضلي، حيث يمرر الطالب الحديد على قضيب دائري، وإذا حدثت ملامسة تتصل الدائرة الكهربائية وتتحرك مروحة محدثة صوتاً معيناً!

كما عملت من خامات بسيطة على ابتكار طريقة لعزل الحديد عن البلاستيك يستخدمها عمال المصانع الكبرى، وهناك جهاز آخر عن قياس كمية المطر فيه مقاسات علمية، وهو دقيق 100%؛ لأنه من خامات بدائية تعتمد القياس الرقمي البدائي.

وأكد الطالب الشمري أن لديه المزيد من الأفكار، وتمنى أن يخدم زملاءه التلاميذ بتوفير أجهزة تفيدهم في حياتهم العامة والمدرسية، وقدَّم الشكر لمدرسته ومعلميه.

معرضهما بالمدرسة

مدير ابتدائية ومتوسطة الزبير بن العوام بقرية الجبهان الأستاذ عارف الخشرم قال: لاحظنا اهتماماً خاصاً عند الأخوين فيما يتعلق بالمبتكرات العلمية، فقررنا وضع معرض يضم إبداعات الصغيرين؛ تشجيعاً من المدرسة لهما، وسنشارك بمخترعاتهما في المعرض السنوي الذي يقيمه مركز الإشراف التربوي برفحاء للمبتكرات العلمية. وعبّر الخشرم عن تهنئته لأسرتهما على التفوق في التحصيل الدراسي والعلمي، وعلى الموهبة والأخلاق، وهما مكسب لكل مدرسة ينتميان إليها.

وعن دور الأسرة في تشجيع الأبناء الموهوبين قال: على الأسرة أن تعمل على ملاحظة الطفل بشكل منتظم، وأن تقوم بتقويمه بطريقة موضوعية؛ حتى يمكن اكتشاف مواهبه الحقيقية في سن مبكرة؛ لأن الفشل في ذلك يؤدي بالأسرة إلى الوقوع في المبالغة من الآباء في تقدير مواهب أبنائهم بدافع شخصي أو رغبة منهم في التباهي والتفاخر بأبنائهم؛ ما يوقع الأبناء في مشاكل متعددة بسبب رغبة الآباء في ضرورة تحقيق مستويات للتحصيل والتفكير العقلي أعلى بكثير مما يقدر عليه أبناؤهم، إضافة إلى شعور الموهوبين في قرارة أنفسهم بعدم تفهم آبائهم لهم وتجاهل مواهبهم وقدراتهم بسبب سوء التقدير وانعدام الفهم أو بانشغالهم بالمصالح الخاصة؛ ما يدفع إلى الشعور بالضيق بسبب الكبت =والحرمان.

ويحتاج الطفل الموهوب من أسرته إلى توفير الإمكانيات والظروف المناسبة له، والى إتاحة الفرصة للتعرف على الأشياء الجديدة في مجالات التفكير والإبداع مع تشجيعه على القراءة والاطلاع.

على الأسرة أيضا أن تنظر إلى الطفل الموهوب نظرة شاملة، فلا يتم التركيز على القدرات العقلية أو المواهب الإبداعية المتميزة فقط، وعليها أن تعرف أن على الطفل الموهوب أن يمارس أساليب الحياة العادية الطبيعية مثل غيره ممن هم في فئته العمرية.

دور الأسرة والمعلمين

وعن دور الأسرة في اكتشاف المواهب وتنميتها أجاب قائلاً: أجمع علماء النفس أن سنوات الطفل الأولى منذ الولادة حتى سن الخامسة هي أهم سنوات العمر التي يتطور فيها ذكاء الطفل؛ لذلك من الضروري جداً أن تهتم المدارس في هذه المرحلة بتنمية القدرة اللغوية للطفل من خلال التحدث معه، ودعوته للقراءة والكتابة وتوفير ألعاب مشجعة وحافزة لقدراته العقلية كما في بعض الألعاب الحسابية التي تنمي التفكير المنطقي عند الأطفال وتشجيع الطفل على التعبير عن نفسه وقيامه بالأنشطة التي تشجع حاجاته المتنوعة.

وعن دور المعلم في احتضان الموهوب وتقبل سلوكياته المختلفة عن أقرانه قال الأستاذ عارف الخشرم: الموهوب عادة يتميز بقلق وسلوكيات تختلف عن بقية الطلاب، وربما يظهر تمرداً معيناً أو تخلفاً تحصيلياً في بعض المواد؛ إذ لا يعني أن الموهوب متفوق دراسي، وعلى المعلمين في كلا الموقفين عدم السخرية من أفكار الطفل وأسئلته؛ وذلك حتى لا يتخوف من التعبير عن أفكاره أو يتردد في الإعلان عنها. وعادة ما تؤدي الأسئلة المطروحة من قِبل الأطفال الموهوبين إلى الشعور بحالة من الرضا والاطمئنان بعد أن يكونوا قد عرفوا صحة إجاباتهم، وهي بذلك تدل بشكل واضح على الرغبة في التعلم والتدريب وارتفاع الدافع إلى التحصيل لديهم.

دعوة

وختم مدير ابتدائية ومتوسطة الزبير بن العوام بقرية الجبهان الأستاذ عارف الخشرم قائلاً: لا بد أن نشيد بجهود مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين لتبني مثل هذه الأفكار النيرة، وهي صغيرة في حجمها كبيرة في فكرتها، كما ندعو المؤسسات ذات العلاقة مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى زيارة معرض المبتكرات العلمية برفحاء للاستفادة من هذه الاختراعات والمخترعين، وندعو القطاع الخاص والجهات الخيرية إلى تشجيع هؤلاء الصغار وتبني مخترعاتهم.

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

كيف يمكنني أرسال مقال لكم